إذًا ما هي الخوارزميات؟

الخوارزميات هي أنظمة حسابية معقدة صُممت لتصنيف وترتيب المحتوى على المنصات الرقمية استنادًا إلى مجموعة من المعايير التي يحددها مشغلوا هذه المنصات.

وظيفتها الأساسية هي تحسين تجربة المستخدم، من خلال تقديم محتوى "ملائم" بناءً على سلوك التصفح، والتفاعل، والموقع الجغرافي، وغيرها من البيانات.

كيف تحوّلت إلى حارس رقمي للاحتلال؟

لكن هذا التعريف "الحيادي" ما لبث أن تآكل مع تحوّل المنصات نفسها إلى مساحات مؤدلجة وموجَّهة سياسيًا. فقد أصبحت الخوارزميات لا تكتفي بإظهار "المناسب"، بل تُملي ما يجب أن يُرى وما ينبغي إخفاؤه. وقد بدا هذا واضحًا من خلال اخفاء صور الشهداء والقادة، تقييد المحتوى الذي يذكر كلمة "مقاومة"، وحذف منشورات توثّق جرائم الاحتلال، في حين يُسمَح بانتشار الرواية المقابلة دون عوائقة










 باتت الخوارزميات تؤدي دورًا وظيفيًا في تثبيت السيطرة الإسرائيلية على السرد الرقمي العالمي، عبر خنق الأصوات المناهضة للاحتلال وطمس معالم الرواية الفلسطينية والمقاوِمة. بهذا المعنى، أصبحت الخوارزميات في زمن الحرب أداة استعمارية رقمية، تمارس الهيمنة لا بالسلاح، بل بالخفاء: تمنح الظهور لمن تريده، وتُلقي بالباقي في العتمة.

. وهكذا، تحوّلت الخوارزميات من مجرد أداة تصنيف تقني، إلى حارس رقمي يعمل لصالح بنية القوة المهيمنة، يُمارس نوعًا الرقاب 

كيف أثرت على المحتوى المقاوم؟

يؤكد حسن قطيش الكاتب والممثل المسرحي  أن معركة المحتوى المقاوم بدأت قبل طوفان الأقصى بسنوات، لكنها بلغت ذروتها بعد 7 أكتوبر 2023. فقبل الطوفان كانت عملية التحايل بالكلمات موجودة واستبدال الاحرف العربية بأجنبية وحتى اختراع كلمات جديدة،

.لكن بعد 7 أكتوبر تحوّل الحجب إلى ديكتاتوري بكل ما للكلمة من معنى

هذا التحول يعكس تطور الرقابة الخوارزمية من منع المفردات إلى مراقبة السياقات وتحليل النوايا، مما اضطر صانعي المحتوى إلى هندسة خطاب بصري وصوتي جديد، يوازي في تعقيده تطور أدوات الحجب

وهنا لم تعد المسألة مجرد تحايل على كلمات محظورة، بل أصبحت مواجهة شاملة مع أنظمة خوارزمية تتعلم بسرعة وتحاصر الخطاب السياسي والثقافي المقاوم.

أنواع الرقابة الخوارزمية

إغلاق الحسابات أو تقليص صلاحياتها

قد يتعرض الحساب لإيقاف مؤقت أو دائم، أو تُسحب منه بعض الميزات كالإعلانات أو التفاعل المباشر، كوسيلة عقاب لمن يُصنف ضمن "المحتوى المخالف".

تصنيف المحتوى كـ "حساس" أو "مضلل"

تلصق الخوارزميات تصنيفات تلقائية على المنشورات مثل "محتوى حساس" أو "يحتوي على معلومات غير دقيقة"، وغالبًا ما يكون هذا بناءً على سياقات غير دقيقة أو تحيزات مبرمجة.

تقييد الوصول

حتى دون حجب كامل، تقوم الخوارزميات بتقليل انتشار المنشور. يُمنع من الظهور في الصفحات المقترحة أو في قسم الاستكشاف (Explore)، ما يحد من انتشاره الطبيعي.

الحجب الخفي

يُنشر المحتوى فعليًا، لكنه لا يظهر للمتابعين أو يظهر لعدد محدود جدًا، دون إبلاغ صاحب الحساب. تُستخدم هذه الطريقة كثيرًا ضد الكلمات المفتاحية مثل "مقاومة"، "شهيد"، أو مصطلحات معينة.

بحسب تحليل شركة ميتا
تمت إزالة و تقييد

أ​كثر من 38.8 مليون

 ​منشور وصورة وفيديو على فيسبوك وإنستغرام بناءً على طلبات حكومات (أغلبها من الكيان المحتل) منذ أكتوبر ٢٠٢٣ .

اضغط على الرابط لتتحقق بنفسك من المعلومات!

كيف تتعامل الخوارزميات مع المحتوى المقاوم؟ 

الحملات الإعلامية الإعلانية بمواجهة الحرب العسكرية

ولما أصبحت الحرب الثقافية توازي تلك العسكرية، وباتت الجبهة البصرية واحدة من أخطر ساحات المواجهة. فـ"العيون ترى قبل أن تسمع"، كما يقول المصممون، وتكوين الرأي العام اليوم يبدأ غالبًا من صورة، ملصق، أو شعار .
 في هذا السياق، لا يعود التصميم مجرد فن زخرفي، بل يصبح أداة للتعبير السياسي، وشكلًا من أشكال المقاومة. 
خلال العدوان على غزة ولبنان عام 2023، وجد المصممون والفنانون من بيئات المقاومة أنفسهم أمام تحديات مضاعفة: كيف ينقلون رسائلهم وسط رقابة خانقة؟ 
كيف يصوغون رموزهم بحيث تتجاوز الحظر ولا تفقد معناها؟ وكيف يمكن للصورة أن تصبح صرخة حين تُمنع الصرخات؟ 
في هذه المقابلة الصوتية،  المصمم علي بسّام، الذي عمل على حملات مقاومة طيلة الحرب 
يعرفنا على أهمية هذه الحملات وخاصة في ظل هذا الحظر الرقمي وكيف واجهوه بواسطة التصاميم.  

لكن الخوارزميات هي ليست المعركة الوحيدة، فهناك جبهة أخرى لا تقلّ شراسة، حيث تتحوّل الحياة اليومية إلى ميدان مقاومة... لننتقل إلى.

الجبهة الاجتماعية