الخوارزميات هي أنظمة حسابية معقدة صُممت لتصنيف وترتيب المحتوى على المنصات الرقمية استنادًا إلى مجموعة من المعايير التي يحددها مشغلوا هذه المنصات.
وظيفتها الأساسية هي تحسين تجربة المستخدم، من خلال تقديم محتوى "ملائم" بناءً على سلوك التصفح، والتفاعل، والموقع الجغرافي، وغيرها من البيانات.
لكن هذا التعريف "الحيادي" ما لبث أن تآكل مع تحوّل المنصات نفسها إلى مساحات مؤدلجة وموجَّهة سياسيًا. فقد أصبحت الخوارزميات لا تكتفي بإظهار "المناسب"، بل تُملي ما يجب أن يُرى وما ينبغي إخفاؤه. وقد بدا هذا واضحًا من خلال اخفاء صور الشهداء والقادة، تقييد المحتوى الذي يذكر كلمة "مقاومة"، وحذف منشورات توثّق جرائم الاحتلال، في حين يُسمَح بانتشار الرواية المقابلة دون عوائقة
باتت الخوارزميات تؤدي دورًا وظيفيًا في تثبيت السيطرة الإسرائيلية على السرد الرقمي العالمي، عبر خنق الأصوات المناهضة للاحتلال وطمس معالم الرواية الفلسطينية والمقاوِمة.
بهذا المعنى، أصبحت الخوارزميات في زمن الحرب أداة استعمارية رقمية، تمارس الهيمنة لا بالسلاح، بل بالخفاء: تمنح الظهور لمن تريده، وتُلقي بالباقي في العتمة.
.
وهكذا، تحوّلت الخوارزميات من مجرد أداة تصنيف تقني، إلى حارس رقمي يعمل لصالح بنية القوة المهيمنة، يُمارس نوعًا الرقاب
الحملات الإعلامية الإعلانية بمواجهة الحرب العسكرية
ولما أصبحت الحرب الثقافية توازي تلك العسكرية، وباتت الجبهة البصرية واحدة من أخطر ساحات المواجهة. فـ"العيون ترى قبل أن تسمع"، كما يقول المصممون، وتكوين الرأي العام اليوم يبدأ غالبًا من صورة، ملصق، أو شعار .
في هذا السياق، لا يعود التصميم مجرد فن زخرفي، بل يصبح أداة للتعبير السياسي، وشكلًا من أشكال المقاومة.
خلال العدوان على غزة ولبنان عام 2023، وجد المصممون والفنانون من بيئات المقاومة أنفسهم أمام تحديات مضاعفة: كيف ينقلون رسائلهم وسط رقابة خانقة؟
كيف يصوغون رموزهم بحيث تتجاوز الحظر ولا تفقد معناها؟ وكيف يمكن للصورة أن تصبح صرخة حين تُمنع الصرخات؟
في هذه المقابلة الصوتية، المصمم علي بسّام، الذي عمل على حملات مقاومة طيلة الحرب
يعرفنا على أهمية هذه الحملات وخاصة في ظل هذا الحظر الرقمي وكيف واجهوه بواسطة التصاميم.
لكن الخوارزميات هي ليست المعركة الوحيدة، فهناك جبهة أخرى لا تقلّ شراسة، حيث تتحوّل الحياة اليومية إلى ميدان مقاومة... لننتقل إلى.
الجبهة الاجتماعية